غالب الاحتمال أن مدينة سفيطلة الرومانية تأسست في نفس الفترة التي ظهرت فيها حيدرة وسليوم وتلابت بعد أن تمكن الرومان من إخضاع جهة الوسط التي شهدت قبل ذلك ثورة الأمازيغي تاكفاريناس. إنَّ أقدم الآثار في المدينة إلى حد الكشوفات الحالية تعود إلى عهد الإمبراطور الروماني فلافيوس فسباسيانوس الذي دام حكمه من سنة 69 إلى 79 ميلادي.[8][9]

 

التاريخعدل

كانت عاصمة دولة أمازيغية كاثوليكية تابعة لروما ثم للقسطنطينيةفتحها عبد الله بن أبي السرح في غزوة شارك فيها سبعة قادة يسمى كل منهم عبد الله فأطلق على تلك الغزوة حملة العبادلة السبعة التي قتل فيها عبد الله بن الزبير الملك جرجير لتفتح البلاد للمسلمين تماما. بها آثار رومانية وبيزنطية كثيرة وتتميز باحتوائها لمعبد الثالوث المقدس عند الرومان فينوس وجوبيتر.

التاريخ الروماني والبيزنطيعدل

كان يسكن المدينة قبائل رُحل حتى قدم الفيلق الروماني ليجيو أوغوستا الثالث وتأسيسه لمخيم في أميدرة. ومع استسلام زعيم الأمازيغ تاكفاريناس، وقع تأمين المدينة وتعميرها في فترة حكم الإمبراطور فلافيوس فسباسيانوس[10] وإبنه في الفترة الممتدة بين 67 و 69. وتثبت الآثار المتبقية أن المدينة عاشت فترة طويلة من الإزدهار طوال القرن الثاني، تجلت في إزدهار إنتاج الزيتون دعمه العامل المناخي الملائم لهذه الزراعة في الجهة. كما دعم العثور على آثار معاصر لزيت الزيتون خلاصة هذا الإزدهار، الذي دعم تشيد المباني الهامة والمنتديات الكبيرة.

شهدت المدينة تراجع في أواخر الإمبراطورية، انتهت بمحاصرتها وإحتلالها من قبل الوندال، وهو ما تجسد في وجود معابد مخصصة لآلهة الأمازيغ. عرفت المدينة فترة جديدة من العظمة والإزدهار بقدوم البيزنطيين. بلغ عدد سكان سفيطلة، التي كان مفترق طرق تجاري هام في قلب بيزنطة، عشرات الآلاف نسمة. وهي إحصائيات تقديرية اعتمدت على مساحة الموقع الأثري، وقنوات تدفق المياه التي تزود المدينة، والقادرة على نقل 13 ألف متر مكعب في اليوم.[11] وفي 647، كانت المدينة مسرح معركة كبيرة بين الأمازيغ والبيزنطيين والخلفاء الراشدون.


تمثال فلافيوس فسباسيانوس، متحف بوشكين،موسكو.

التاريخ الإسلاميعدل

إنطلق التاريخ الإسلامي لمدينة سبيطلة بعد الفتوحات الإسلامية تحت خلافة عثمان بن عفان، في ما يسمى بحملة العبادلة السبعة. وذكرها لاحقا المؤرخون والجغرافيون المسلمون كالإدريسي و أبو العباس اليعقوبي وغيرهم. حيث قال فيها صاحب معجم الأعلام: "سُبَيْطِلَة: بضم أوله وفتح ثانيه وياءٍ مثناة من تحت وطاءٍ مكسورة ولام، مدينة من مُدُن إفريقية وهي كما يزعمون مدينة جرجير الملك الرومي وبينها وبين القيروان سبعون ميلاً". كما ذكرها الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق بقوله: "وإذ قد انتهى بنا القول في ذكر بلاد إفريقية فلنرجع الآن إلى ذكر بلاد نفزاوة فنقول إن مدينة سبيطلة كانت مدينة جرجير ملك الروم الأفارقة وكانت من أحسن البلاد منظراً وأكبرها قطراً وأكثرها مياهاً وأعدلها هواء وأطيبه ثرى وكانت بها بساتين وجنات وافتتحها المسلمون في صدر الإسلام وقتلوا بها ملكها العظيم المسمى جرجيس ومنها إلى مدينة قفصة مرحلة وبعض ومنها أيضاً إلى القيروان سبعون ميلاً".

وفي كتاب البلدان لأبي العباس اليعقوبي ذُكِرت سبيطلة على أنها "المدينة القديمة العظمى هي التي يقال لها سبيطلة، وهي التي افتتحت في أيام عثمان بن عفان، وحصرها عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير، وأمير الجيش عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة سبع وثلاثين".[12]

أما الحميري فقد ذكر المدينة في كتابه الروض المعطار في خبر الأقطار كالتالي: "وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما بعثه عثمان إلى إفريقية غازياً لقي جرجير صاحب سبيطلة، وقاتله فقتله عبد الله بن الزبير وشن الغارات على سبيطلة، وأصاب الروم رعب شديد، ولجأوا إلى الحصون والقلاع، فاجتمع أكثر الروم بقصر الأجم فطلبوا من عبد الله بن سعد أن يأخذ منهم ثلثمائة قنطار من ذهب على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم، فقبل ذلك منهم وقبض المال، وكان في شرطه ان ما أصاب المسلمون قبل الصلح فهو لهم وما أصابوه بعد الصلح ردوه لهم". فيها الجمال بكثرة

ويضيف نفس المصدر: "هي مدينة قمودة، على سبعين ميلاً منالقيروان، وقال عريب: على مسافة يومين من القيروان، قالاليعقوبي : وهو بلد واسع فيه مدن وحصون، والمدينة القديمة العظمى هي التي يقال لها سبيطلة